سطر 1: |
سطر 1: |
− | كانت الأوبئة والجوائح من المؤثرات على تاريخ التخطيط العمراني الحديث لبعض المدن ومنها القاهرة وباريس. لم تكن تلك التغيرات بمفصل عن الصراعات السياسية والأمنية في وقتها.
| + | صفحة توثق العمل على مشروع العمران والأوبئة ضمن مشاريع تطوير المحتوى على ويكي العمران. |
| | | |
− | ==الطاعون== | + | ==التعريف بكوفيد-19== |
− | تخطيط القاهرة الحداثي تأثر مع تواجد الحملة الفرنسية في المدينة أثناء جائحة الطاعون التي مرت على المدينة تحت الحكم العثماني؛ وبعدها أثناء حكم محمد علي وتأسيس [[خط التنظيم|مجلس تنظيم المحروسة]].
| + | [[ملف:COVID-19-outbreak-timeline.gif|تصغير|خريطة متحركة لحالات كوفيد-19 المؤكدة من 12 يناير إلى 26 فبراير 2020.]] |
− | ===القاهرة 1798 - 1801===
| + | |
− | بعد إخماد الثورة الفرنسية من قِبَل الجيش الفرنسي، تحالف نابليون بونابرت مع الطبقة البورجوازية في باريس لإعادة السيطرة على المدينة. بعدها بدأ تأسيس دولة فرنسية حديثة وقامت الإمبراطورية الجديدة بشن حملات في مدن مختلفة ومنها مدن الشرق الأوسط لنشر الفكر والثقافة الحديثة؛ أو كما وصفه البعض بتصدير الأزمة خارج المدينة. دخل الجيش الفرنسي مدينة الأسكندرية ثم واصل توغله حتى دخل القاهرة سنة 1798.
| + | في آواخر عام ٢٠١٩ ظهر فيروس جديد من عائلة [[ويكيبيديا:ar:فيروسات تاجية|الفيروسات التاجية]] وتم تسميته بـ كوفيد-١٩ (COVID-19 أو SARS-CoV-2) في الصين في مدينة [[ويكيبيديا:ar:ووهان|ووهان]] كما هو معروف حتى الآن. في 11 مارس وصفت [https://www.who.int/ar منظمة الصحة العالمية] [https://www.who.int/ar/health-topics/coronavirus/coronavirus كوفيد-19] [[ويكيبيديا:ar:جائحة| كجائحة]] <ref>[https://www.who.int/ar/news-room/detail/15-08-1441-who-timeline---covid-19 الصفحة الرسمية لبيانات منظمة الصحة العالمية]</ref>. |
| + | |
| + | تشمل علامات العدوى بالكورونا أو كوفيد-19 على: أزمات تنفسية وحمى وسعال جاف وصعوبات التنفس. و قد يصاب بعض الناس بالعدوى دون أن تظهر عليهم أي أعراض. ويتعافى نحو 80 % من المصابين بالمرض دون الحاجة إلى علاج خاص. تشتد حدة المرض لدى شخص واحد تقريباً من كل 6 أشخاص يصابون بالعدوى. تزداد احتمالات حدة المرض للمسنين والأشخاص المصابين بمشكلات طبية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو داء السكري؛ حيث يعانون من الالتهاب الرئوي والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة والفشل الكلوي حتى الوفاة.قد توفى نحو 2% من المصابين بالمرض. وينبغي للأشخاص الذين يعانون من الحمى والسعال وصعوبة التنفس التماس الرعاية الطبية. |
| | | |
− | كانت المدينة وقتها تعاني من مشاكل اقتصادية نتيجة لسوء توزيع المحاصيل والموارد ويعاني سكانها صحيا أثر الإصابات بوباء الطاعون. فقد قتل الطاعون أكثر من 5% من سكان المدينة. يُرَجِح أن الجرذان كانت السبب الرئيسي في إنتشار الوباء في المدينة وخاصة حول مجاريها المائية؛ إن نسبة الوفيات من السكان تعتبر قليلة مقارنة بمدن أخرى وقتها وذلك يرجع للإنخفاض النسبي في الكثافة السكانية للقاهرة. <ref>[https://royalsocietypublishing.org/doi/10.1098/rsif.2017.0160 Model-based analysis of an outbreak of bubonic plague in Cairo in 1801]</ref>
| + | ;التباعد الاجتماعي Social Distancing |
| + | تهدف اجراءات التباعد الاجتماعي لتقليل تجمع الناس في مسافة قريبة تساعد على انتشار العدوى بينهم و من ثَمّ انتشارها لأناس آخرين و أماكن أخرى , تتضمن اجراءات التباعد الاجتماعي انهاء كل التجمعات و الأنشطة التجارية باستثناء السوبر ماركت و الصيدليات و البنوك , اغلاق المدارس و الجامعات , الغاء جميع الاحتفالات و اغلاق المتاحف و الاستادات الرياضية و دور السينما . بالنسبة لأماكن العمل فتم تحفيز الشركات على الانتقال الى العمل من المنزل اذا أمكن ذلك , أما في حالة المهن التي لا يمكن القيام بها من المنزل فيجب اتباع الاجراءات التالية : |
| + | |
| + | *القيام بتغييرات تشغيلية لتقليل التقارب بين العاملين , على سبيل المثال زيادة التباعد بين أماكن العاملين , تقليل عدد ساعات العمل و زيادة الورديات لتقليل عدد العاملين |
| + | |
| + | *توفير مطهرات للأيدي عند البوابات و داخل مكان العمل , و كذلك كاشفات الحرارة عند البوابات. |
| + | |
| + | *تطهير الأسطح بشكل دوري و تحسين التهوية الطبيعية داخل الأماكن المغلقة. |
| | | |
− | في تلك الأثناء، كانت التدخلات العمرانية مِن قِبَل الحملة لها غرضين رئيسيين وهم: السيطرة العسكرية على المدينة وأنحائها وتحجيم إنتشار الطاعون. قامت الحملة بتجفيف بعض البرك والقنوات داخل المدينة حيث كانت تُرمى بها الجثث وتلوث المياه. وكانت أول مشاريعهم هي تجفيف بركة الأزبكية وبركة الفيل وبداية تدشين مشاريع لإستعدال بعض شوارع المدينة. تضمنت تلك المشاريع على شق طريق (شارع محمد علي) لربط القلعة بحدود المدينة عند بركة الأزبكية؛ فيربط الطريق مركز الحكم العسكري بمقر الحملة في منزل الألفي المملوكي المطل على البركة. ومشروع آخر لربط الأزبكية بمدينة بولاق؛ وذلك بعد أن قامت الحملة بالسيطرة عليها بعد إجهاض محاولة استقلالها. | + | *توجيه العاملين للبقاء في المنزل عند ظهور الأعراض عليهم. |
| | | |
− | خلال تواجد الحملة بدأ تأسيس نظام حصر الوفيات والمواليد لتقفي أثر إنتشار الوباء. كما قاموا بفهرسة المناطق ووصفها ورسم الخرائط.
| |
| | | |
− | ==الكوليرا==
| + | تعتبر وسائل النقل العام فرصة كبيرة لانتشار العدوى , لذلك يجب القيام بتغييرات تشغيلية في وسائل النقل العام لمنع الزحام من خلال تقليل عدد الركاب و توجيههم الى ضرورة التباعد بينهم و و زيادة التهوية الطبيعية داخلها و تطهير الأسطح بشكل دوري. <ref> [https://cities4health.org/assets/library-assets/nonpharmaceutical-interventions-in-cities-1587145003.pdf Nonpharmaceutical Interventions (NPIs) in Cities]</ref> |
− | أثرت جائحة الكوليرا على تغير معالم باريس، فبعد أن مرت الكوليرا على المدينة بدأ وضع سياسات ومشاريع تطوير (المعروف بمخطط هاوسمان) أثناء حكم نابوليون الثالث وتم تسويقه شعبيا ضمن خطاب عن تدابير الصحة العامة في المدينة؛ بالتوازي مع تأثير حركة كميونة باريس ورغبة الجيش الفرنسي في إعادة السيطرة على شوارع المدينة.
| |
| | | |
− | ===باريس بين سنة 1830 وسنة 1870===
| + | ;استراتيجيات التعامل مع الجائحة |
− | تمكن وباء الكوليرا من المدينة في سنة 1832 وسنة 1848؛ فقتل عشرات الألاف (19 ألف حالة وفاة سجلت بسبب الكوليرا)؛ خاصة في الأحياء الكثيفة (حي quartier des Arcis وحي الإليزيه) فقتل الوباء ما يعادل خمسة بالمئة من سكانهم.
| + | أصدرت الكلية الملكية ببريطانيا Imperial College London دراسة بحثية عن تأثير التدخلات غير الدوائية في تقليل عدد الوفيات بسبب مرض كوفيد 19 , و قارنت الدراسة بين استراتيجيتين مختلفتين في التعامل مع الجائحة , الاستراتيجية الأولى هي التخفيف mitigation . تتضمن هذه الاستراتيجية عزل الحالات المصابة و الحجر الصحي لكامل العقار السكني و التباعد الاجتماعي لكبار السن و ذوي الأمراض المزمنة , تهدف تلك الاستراتيجية الى ابطاء سرعة انتشار الوباء و ليس منعه لتقليل الضغط على المستشفيات , وجدت الدراسة أن هذه الاستراتيجية ستقلل عدد الوفيات بسبب المرض الى نصف عما لو لم يحدث أي تدخل , لكنها ستؤدي الى وفاة مئات الآلاف في بريطانيا . |
| | | |
− | رغم مرور الكوليرا والتايفويد، زاد تعداد سكان باريس من 759000 في سنة 1831 لأكثر من مليون نسمة في 1846 <ref> [https://www.theguardian.com/cities/2016/mar/31/story-cities-12-paris-baron-haussmann-france-urban-planner-napoleon Story of cities #12: Haussmann rips up Paris – and divides France to this day]</ref>. رأي نابوليون المدينة مزدحمة ومتسخة وموبؤة بالأمراض. صرح نابيليون الثالث أن باريس تحتاج إلى النور والهواء والمياه النظيفة والصرف الصحي. خلال تلك الفترة تأثر تخطيط المدينة كثيرا فكتب المؤرخ ألج كوزبتزيفف "الكوليرا أصبحت عامل مهم في التخطيط العمراني ... فكرة وجود شوارع واسعة وأرصفة ظهرت كنتيحة للكوليرا، بالإضافة إلى الحصول على نظام صرف صحي مناسب" <ref> [http://www.rfi.fr/en/visiting-france/20101118-1832-epidemic-helped-shape-todays-paris 1832 - The deadly epidemic that helped shape today's Paris]</ref>.
| + | الاستراتيجية الثانية هي القمع suppression و تتضمن تطبيق اجراءات التباعد الاجتماعي على الشعب بأكمله و غلق المدارس و الجامعات وعزل الحالات المصابة و الحجر الصحي لكامل العقار السكني , تهدف تلك الاستراتيجية الى منع انتشار الوباء , لكن التحدي الرئيسي في هذه الاستراتيجية هو ضرورة استمرار تنفيذها حتى يتم انتاج لقاح و الذي قد يستغرق 18 شهراً أو أكثر . |
| | | |
− | لم تكن الكوليرا هي العامل الوحيد في تغير معالم باريس العمرانية. في نفس الفترة، شهدت باريس حراكات عمالية من أول حركة [[ويكيبيديا: en:Canut revolts|عمال كانوُ في ليون وباريس]] التي بدأت سنة 1831 حتى تشكلت [[ويكيبيديا:en:Paris Commune|حركة كميونة باريس]] ووصولها للحكم بين 18 مارس حتى 28 مايو 1871. في سنة 1853 عين نابيليون الثالث ابن اخوه [[جورج إيجوين هاوسمان]] لقيادة الأشغال العامة وحكم السيَن. | + | تقترح الدراسة تطبيق استراتيجية قمع الوباء على فترات متقطعة على مدار السنة و يمكن تخفيف بعض اجراءاتها مؤقتا و بشكل تدريجي اذا لم تظهر اصابات جديدة , مع الاستمرار في ترصّد المرض و تطبيق الاجراءات المشددة مرة أخرى في حال ظهور حالات جديدة , كما حدث في الصين و كوريا الجنوبية. <ref> [https://wwwcollege/medicine/sph/ide/gida-fellowships/Imperial-College-COVID19-NPI-modelling-16-03-2020.pdf?.imperial.ac.uk/media/imperial-fbclid=IwAR08avoLqUiLanEewg_UyVaTpkiKtbNtkAOhyVMEllbzgBDwyse_8DT9MkU Impact of non-pharmaceutical interventions (NPIs) to reduce COVID-19 mortality and healthcare demand]</ref> |
| | | |
− | ===القاهرة===
| |
− | تأثرت القاهرة بمخطط باريس هاوسمان أثناء تخطيط القاهرة الخديوية وعمل نظارة الأشغال العامة مع مجلس القوارنطينة. تم وضع سياسات عمرانية لإستعدال الشوارع للتعامل مع ظاهرة الميازما أو إنتقال الأمراض عن طريق الهواء.
| |
| | | |
− | ==الكورونا أو كوفيد-19== | + | ==تاريخ العمران والأوبئة== |
− | [[ملف:COVID-19-outbreak-timeline.gif|تصغير|خريطة متحركة لحالات كوفيد-19 المؤكدة من 12 يناير إلى 26 فبراير 2020.]]
| |
− | في آواخر عام ٢٠١٩ ظهر فيروس جديد من عائلة [[ويكيبيديا:ar:فيروسات تاجية|الفيروسات التاجية]] وتم تسميته بـ كوفيد-١٩ (COVID-19 أو SARS-CoV-2) في الصين في مدينة [[ويكيبيديا:ar:ووهان|ووهان]] كما هو معروف حتى الآن. في 11 مارس وصفت [https://www.who.int/ar منظمة الصحة العالمية] [https://www.who.int/ar/health-topics/coronavirus/coronavirus كوفيد-19] [[ويكيبيديا:ar:جائحة| كجائحة]] <ref>[https://www.who.int/ar/news-room/detail/15-08-1441-who-timeline---covid-19 الصفحة الرسمية لبيانات منظمة الصحة العالمية]</ref>.
| |
| | | |
− | يسبب فيروس كورونا المستجد مرض كوفيد 19. تشمل علامات العدوى بهذا المرض : الأعراض التنفسية والحمى والسعال الجاف وصعوبات التنفس. و قد يصاب بعض الناس بالعدوى دون أن تظهر عليهم أي أعراض. ويتعافى نحو 80 % من المصابين بالمرض دون الحاجة إلى علاج خاص , لكن تشتد حدة المرض لدى شخص واحد تقريباً من كل 6 أشخاص يصابون بالعدوى , وتزداد احتمالات حدة المرض للمسنين والأشخاص المصابين بمشكلات طبية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو داء السكري , حيث يعانون من الالتهاب الرئوي والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة والفشل الكلوي وحتى الوفاة , وقد توفى نحو 2% من المصابين بالمرض. وينبغي للأشخاص الذين يعانون من الحمى والسعال وصعوبة التنفس التماس الرعاية الطبية.
| + | ===أثناء الإستعمار=== |
| + | كانت أمور الصحة العامة المتعلقة بالأوبئة والجوائح من المؤثرات على تاريخ التخطيط العمراني الحديث لبعض المدن. لم تكن تلك التغيرات بمفصل عن صراعات القوى السياسية وقتها ؛مثل قوى الإستعمار (مثل الإستعمار الإنجليزي في الهند والفرنسي في شمال إفريقيا والبلجيكي في الكونجو)؛ أو حتى في تخطيط المدن الأوروبية نفسها. |
| | | |
| + | ====القاهرة والإستعمار الفرنسي==== |
| + | ;القاهرة 1798 - 1801 |
| + | تخطيط القاهرة الحداثي تأثر مع تواجد الحملة الفرنسية في المدينة أثناء جائحة الطاعون التي مرت على المدينة تحت الحكم العثماني؛ وبعدها أثناء حكم محمد علي وتأسيس [[خط التنظيم|مجلس تنظيم المحروسة]].فبعد إخماد الثورة الفرنسية من قِبَل الجيش الفرنسي، تحالف نابليون بونابرت مع الطبقة البورجوازية في باريس لإعادة السيطرة على المدينة. بعدها بدأ تأسيس دولة فرنسية حديثة وقامت الإمبراطورية الجديدة بشن حملات في مدن مختلفة ومنها مدن الشرق الأوسط لنشر الفكر والثقافة الحديثة؛ أو كما وصفه البعض بتصدير الأزمة خارج المدينة. دخل الجيش الفرنسي مدينة الأسكندرية ثم واصل توغله حتى دخل القاهرة سنة 1798. |
| | | |
− | '''التباعد الاجتماعي Social Distancing
| + | كانت المدينة وقتها تعاني من مشاكل اقتصادية نتيجة لسوء توزيع المحاصيل والموارد ويعاني سكانها صحيا أثر الإصابات بوباء الطاعون. فقد قتل الطاعون أكثر من 5% من سكان المدينة. يُرَجِح أن الجرذان كانت السبب الرئيسي في إنتشار الوباء في المدينة وخاصة حول مجاريها المائية؛ إن نسبة الوفيات من السكان تعتبر قليلة مقارنة بمدن أخرى وقتها وذلك يرجع للإنخفاض النسبي في الكثافة السكانية للقاهرة. <ref>[https://royalsocietypublishing.org/doi/10.1098/rsif.2017.0160 Model-based analysis of an outbreak of bubonic plague in Cairo in 1801]</ref> |
| | | |
− | تهدف اجراءات التباعد الاجتماعي لتقليل تجمع الناس في مسافة قريبة تساعد على انتشار العدوى بينهم و من ثَمّ انتشارها لأناس آخرين و أماكن أخرى , تتضمن اجراءات التباعد الاجتماعي انهاء كل التجمعات و الأنشطة التجارية باستثناء السوبر ماركت و الصيدليات و البنوك , اغلاق المدارس و الجامعات , الغاء جميع الاحتفالات و اغلاق المتاحف و الاستادات الرياضية و دور السينما . بالنسبة لأماكن العمل فتم تحفيز الشركات على الانتقال الى العمل من المنزل اذا أمكن ذلك , أما في حالة المهن التي لا يمكن القيام بها من المنزل فيجب اتباع الاجراءات التالية :
| + | في تلك الأثناء، كانت التدخلات العمرانية مِن قِبَل الحملة لها غرضين رئيسيين وهم: السيطرة العسكرية على المدينة وأنحائها وتحجيم إنتشار الطاعون. قامت الحملة بتجفيف بعض البرك والقنوات داخل المدينة حيث كانت تُرمى بها الجثث وتلوث المياه. وكانت أول مشاريعهم هي تجفيف بركة الأزبكية وبركة الفيل وبداية تدشين مشاريع لإستعدال بعض شوارع المدينة. تضمنت تلك المشاريع على شق طريق (شارع محمد علي) لربط القلعة بحدود المدينة عند بركة الأزبكية؛ فيربط الطريق مركز الحكم العسكري بمقر الحملة في منزل الألفي المملوكي المطل على البركة. ومشروع آخر لربط الأزبكية بمدينة بولاق؛ وذلك بعد أن قامت الحملة بالسيطرة عليها بعد إجهاض محاولة استقلالها. |
| | | |
− | - القيام بتغييرات تشغيلية لتقليل التقارب بين العاملين , على سبيل المثال زيادة التباعد بين أماكن العاملين , تقليل عدد ساعات العمل و زيادة الورديات لتقليل عدد العاملين
| + | خلال تواجد الحملة بدأ تأسيس نظام حصر الوفيات والمواليد لتقفي أثر إنتشار الوباء. كما قاموا بفهرسة المناطق ووصفها ورسم الخرائط. |
| | | |
− | - توفير مطهرات للأيدي عند البوابات و داخل مكان العمل , و كذلك كاشفات الحرارة عند البوابات.
| |
| | | |
− | - تطهير الأسطح بشكل دوري و تحسين التهوية الطبيعية داخل الأماكن المغلقة.
| + | ;باريس بين سنة 1830 وسنة 1870 |
| + | أثرت جائحة الكوليرا على تغير معالم باريس، فبعد أن مرت الكوليرا على المدينة بدأ وضع سياسات ومشاريع تطوير (المعروف بمخطط هاوسمان) أثناء حكم نابوليون الثالث وتم تسويقه شعبيا ضمن خطاب عن تدابير الصحة العامة في المدينة؛ بالتوازي مع تأثير حركة كميونة باريس ورغبة الجيش الفرنسي في إعادة السيطرة على شوارع المدينة. |
| | | |
− | - توجيه العاملين للبقاء في المنزل عند ظهور الأعراض عليهم.
| + | تمكن وباء الكوليرا من المدينة في سنة 1832 وسنة 1848؛ فقتل عشرات الألاف (19 ألف حالة وفاة سجلت بسبب الكوليرا)؛ خاصة في الأحياء الكثيفة (حي quartier des Arcis وحي الإليزيه) فقتل الوباء ما يعادل خمسة بالمئة من سكانهم. |
| | | |
| + | رغم مرور الكوليرا والتايفويد، زاد تعداد سكان باريس من 759000 في سنة 1831 لأكثر من مليون نسمة في 1846 <ref> [https://www.theguardian.com/cities/2016/mar/31/story-cities-12-paris-baron-haussmann-france-urban-planner-napoleon Story of cities #12: Haussmann rips up Paris – and divides France to this day]</ref>. رأي نابوليون المدينة مزدحمة ومتسخة وموبؤة بالأمراض. صرح نابيليون الثالث أن باريس تحتاج إلى النور والهواء والمياه النظيفة والصرف الصحي. خلال تلك الفترة تأثر تخطيط المدينة كثيرا فكتب المؤرخ ألج كوزبتزيفف "الكوليرا أصبحت عامل مهم في التخطيط العمراني ... فكرة وجود شوارع واسعة وأرصفة ظهرت كنتيحة للكوليرا، بالإضافة إلى الحصول على نظام صرف صحي مناسب" <ref> [http://www.rfi.fr/en/visiting-france/20101118-1832-epidemic-helped-shape-todays-paris 1832 - The deadly epidemic that helped shape today's Paris]</ref>. |
| | | |
− | تعتبر وسائل النقل العام فرصة كبيرة لانتشار العدوى , لذلك يجب القيام بتغييرات تشغيلية في وسائل النقل العام لمنع الزحام من خلال تقليل عدد الركاب و توجيههم الى ضرورة التباعد بينهم و و زيادة التهوية الطبيعية داخلها و تطهير الأسطح بشكل دوري. <ref> [https://cities4health.org/assets/library-assets/nonpharmaceutical-interventions-in-cities-1587145003.pdf Nonpharmaceutical Interventions (NPIs) in Cities]</ref>
| + | لم تكن الكوليرا هي العامل الوحيد في تغير معالم باريس العمرانية. في نفس الفترة، شهدت باريس حراكات عمالية من أول حركة [[ويكيبيديا: en:Canut revolts|عمال كانوُ في ليون وباريس]] التي بدأت سنة 1831 حتى تشكلت [[ويكيبيديا:en:Paris Commune|حركة كميونة باريس]] ووصولها للحكم بين 18 مارس حتى 28 مايو 1871. في سنة 1853 عين نابيليون الثالث ابن اخوه [[جورج إيجوين هاوسمان]] لقيادة الأشغال العامة وحكم السيَن. |
| | | |
| + | ;القاهرة منتصف القرن التاسع عشر |
| + | تأثرت القاهرة بمخطط باريس هاوسمان أثناء تخطيط القاهرة الخديوية وعمل نظارة الأشغال العامة مع مجلس القوارنطينة. تم وضع سياسات عمرانية لإستعدال الشوارع للتعامل مع ظاهرة الميازما أو إنتقال الأمراض عن طريق الهواء. |
| | | |
− | '''استراتيجيات التعامل مع الجائحة :
| + | ==التخطيط العمراني== |
− | '''
| |
| | | |
− | أصدرت الكلية الملكية ببريطانيا Imperial College London دراسة بحثية عن تأثير التدخلات غير الدوائية في تقليل عدد الوفيات بسبب مرض كوفيد 19 , و قارنت الدراسة بين استراتيجيتين مختلفتين في التعامل مع الجائحة , الاستراتيجية الأولى هي التخفيف mitigation . تتضمن هذه الاستراتيجية عزل الحالات المصابة و الحجر الصحي لكامل العقار السكني و التباعد الاجتماعي لكبار السن و ذوي الأمراض المزمنة , تهدف تلك الاستراتيجية الى ابطاء سرعة انتشار الوباء و ليس منعه لتقليل الضغط على المستشفيات , وجدت الدراسة أن هذه الاستراتيجية ستقلل عدد الوفيات بسبب المرض الى نصف عما لو لم يحدث أي تدخل , لكنها ستؤدي الى وفاة مئات الآلاف في بريطانيا .
| |
| | | |
− | الاستراتيجية الثانية هي القمع suppression و تتضمن تطبيق اجراءات التباعد الاجتماعي على الشعب بأكمله و غلق المدارس و الجامعات وعزل الحالات المصابة و الحجر الصحي لكامل العقار السكني , تهدف تلك الاستراتيجية الى منع انتشار الوباء , لكن التحدي الرئيسي في هذه الاستراتيجية هو ضرورة استمرار تنفيذها حتى يتم انتاج لقاح و الذي قد يستغرق 18 شهراً أو أكثر .
| + | ;تأثيرات الجائحة على البيئة العمرانية |
| | | |
− | تقترح الدراسة تطبيق استراتيجية قمع الوباء على فترات متقطعة على مدار السنة و يمكن تخفيف بعض اجراءاتها مؤقتا و بشكل تدريجي اذا لم تظهر اصابات جديدة , مع الاستمرار في ترصّد المرض و تطبيق الاجراءات المشددة مرة أخرى في حال ظهور حالات جديدة , كما حدث في الصين و كوريا الجنوبية. <ref> [https://wwwcollege/medicine/sph/ide/gida-fellowships/Imperial-College-COVID19-NPI-modelling-16-03-2020.pdf?.imperial.ac.uk/media/imperial-fbclid=IwAR08avoLqUiLanEewg_UyVaTpkiKtbNtkAOhyVMEllbzgBDwyse_8DT9MkU Impact of non-pharmaceutical interventions (NPIs) to reduce COVID-19 mortality and healthcare demand]</ref>
| |
| | | |
| + | ;التأثيرات البيئية |
| | | |
| | | |
− | '''تأثيرات الجائحة على البيئة العمرانية :
| + | ;التأثيرات الاقتصادية |
| ''' | | ''' |
| | | |
− | '''التأثيرات البيئية :
| + | ;التأثيرات الاجتماعية |
− | '''
| + | |
| + | |
| + | ;تأثيرات على النظريات العمرانية |
| + | |
| | | |
− | '''التأثيرات الاقتصادية :
| + | ;الكثافة العمرانية Density |
− | '''
| |
| | | |
− | '''التأثيرات الاجتماعية : | + | مع انتشار جائحة كوفيد 19 في العديد من الدول وخاصة المدن الكبرى بها ظهر جدل كبير حول مفهوم الكثافة العمرانية و دورها في انتشار الجائحة , فبينما يرى البعض أن الكثافة العمرانية هي "العدو" خاصة بعد ارتفاع أعداد الوفيات في مدينة نيويورك وحدها عن دول أخرى كاملة<ref> [https://www.nytimes.com/2020/03/23/nyregion/coronavirus-nyc-crowds-density.html?action=click&module=Spotlight&pgtype=Homepage Density Is New York City’s Big ‘Enemy’ in the Coronavirus Fight]</ref> , يرى آخرون أن دولاً و مدناً أخرى ذات كثافة عمرانية عالية (مثل سنغافورة و هونج كونج) نجحت في احتواء المرض <ref>[https://www.nytimes.com/2020/03/17/world/asia/coronavirus-singapore-hong-kong-taiwan.html Tracking the Coronavirus: How Crowded Asian Cities Tackled an Epidemic too]</ref>, كما أن التحليلات الاحصائية تثبت أن مناطق أخرى ذات كثافة عمرانية أقل تعاني من نفس معدلات الاصابة و الوفاة<ref> [https://www.cnu.org/publicsquare/2020/03/23/plague-%E2%80%99t-count-cities-out Facts don't support the ‘density is dangerous’ narrative]</ref> , وأن المشكلة ليست في الكثافة العمرانية لكن هناك عدة عوامل أخرى مثل وجود مطار دولي و مدى كفاءة و سرعة الادارة المحلية في التعامل مع الأزمة<ref> [https://www.planetizen.com/news/2020/04/109052-another-state-ohio-gets-it-right?fbclid=IwAR0rnJD-_39RJHsLMmjA4tSTq3vq-k5nN21Umm44YZ6pezdm7pC_c0d-JM4 Another State (Ohio) Gets It Right]</ref> |
− | '''
| |
| | | |
| + | ;سياسات مقترحة للتعامل مع الجائحة في مصر |
| | | |
− | '''تأثيرات على النظريات العمرانية :
| + | ==تقاطعات== |
− | '''
| + | ;جندرية |
| + | ;:العنف المنزلي |
| + | نتج عن الحجر الصحي بسبب كوفيد-19 ذروة في بلاغات العنف المنزلي أو كما يسميه بعض المتخصصين بالإرهاب الحميمي. الحجر الصحي أعطى المعتدين سلطة أكبر للتحكم في شركائهم وتعنيفهم. كما أن الحجر قلص فرص الهروب أو المحاولة للجوء لمن يمكنه أن يساعدهن. <ref>[https://www.nytimes.com/2020/04/06/world/coronavirus-domestic-violence.html?action=click&module=Spotlight&pgtype=Homepage A New Covid-19 Crisis: Domestic Abuse Rises Worldwide] </ref> |
| + | ;:مجتمع الميم |
| + | بالإضافة إلى الصعوبات القائمة التي يواجهها مجتمع الميم نتيجة للتمييز ضدهم للحصول على مسكن آمن ومستقر وللحصول على الإمتيازات الصحية. من المتوقع أن هذة الأزمة سوف تفاقم الوضع بسبب عدم إستقرار سوق العمل والتي قد ينتج عنها زيادة في إفقارهمن (خاصة كبار السن). <ref>[https://assets2.hrc.org/files/assets/resources/COVID19-IssueBrief-032020-FINAL.pdf?_ga=2.34905570.2132853666.1586451351-508168252.1586451351 |
| + | The Lives and Livelihoods of Many in the LGBTQ Community are at Risk Amidst COVID-19 Crisis] </ref> |
| | | |
− | ''الكثافة العمرانية Density :'' مع انتشار جائحة كوفيد 19 في العديد من الدول وخاصة المدن الكبرى بها ظهر جدل كبير حول مفهوم الكثافة العمرانية و دورها في انتشار الجائحة , فبينما يرى البعض أن الكثافة العمرانية هي "العدو" خاصة بعد ارتفاع أعداد الوفيات في مدينة نيويورك وحدها عن دول أخرى كاملة<ref> [https://www.nytimes.com/2020/03/23/nyregion/coronavirus-nyc-crowds-density.html?action=click&module=Spotlight&pgtype=Homepage Density Is New York City’s Big ‘Enemy’ in the Coronavirus Fight]</ref> , يرى آخرون أن دولاً و مدناً أخرى ذات كثافة عمرانية عالية (مثل سنغافورة و هونج كونج) نجحت في احتواء المرض <ref>[https://www.nytimes.com/2020/03/17/world/asia/coronavirus-singapore-hong-kong-taiwan.html Tracking the Coronavirus: How Crowded Asian Cities Tackled an Epidemic too]</ref>, كما أن التحليلات الاحصائية تثبت أن مناطق أخرى ذات كثافة عمرانية أقل تعاني من نفس معدلات الاصابة و الوفاة<ref> [https://www.cnu.org/publicsquare/2020/03/23/plague-%E2%80%99t-count-cities-out Facts don't support the ‘density is dangerous’ narrative]</ref> , وأن المشكلة ليست في الكثافة العمرانية لكن هناك عدة عوامل أخرى مثل وجود مطار دولي و مدى كفاءة و سرعة الادارة المحلية في التعامل مع الأزمة<ref> [https://www.planetizen.com/news/2020/04/109052-another-state-ohio-gets-it-right?fbclid=IwAR0rnJD-_39RJHsLMmjA4tSTq3vq-k5nN21Umm44YZ6pezdm7pC_c0d-JM4 Another State (Ohio) Gets It Right]</ref>
| + | ;سجون |
| | | |
− | '''سياسات مقترحة للتعامل مع الجائحة في مصر
| + | ;عمالة مهاجرة |
− | '''
| |
| | | |
| ==تابع كذلك== | | ==تابع كذلك== |