مسائل في التصميم لمراعاة المتوحدين

من ق.م.ع
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الأوتيزم أو التوحد من التنوعات النيورولوجية التي عادة ما تُهمَل في عمليات الدمج الاجتماعي وخاصة في تصميم بيئات مساندة للنمو والتعلُّم. تأثير ذلك التنوع واعتباره في التصميم المعماري و العمراني تناوله محدود في الأدبيات والأبحاث وبالتالي في التصميم. على سبيل المثال، لا يوجد أكواد تصميمية لمراعاة المتوحدين مثلما يوجد أكواد لمراعاة ذوي التحديات الحركية حتى وإن كان تطبيقها غير مُلزِم حتى الآن.

خصائص توحد متطلبة الاعتبار في التصميم

نواحي تصميمية تخص مراعاة المتوحدين - ماجدة مصطفى - تد إكس القاهرة

الأشخاص على طيف التوحد لهم خصائص تميزهم عن غيرهم. تؤثر تلك الخصائص على إدراكهم للمكان وبالتالي إستخدامه. هذه الخصائص تتنوع لتشمل أبعاد خاصة بالتوحد وأبعاد خاصة بمقومات إدراك الوعي بالذات أو الأنا(Ego). تشمل الأبعاد الخاصة بالتوحد: نقص في قدرات التفاعل الاجتماعي والتواصل؛ وصعوبة في قراءة مشاعر الآخرين وتعبيرات وجوههم؛ والقيام بسلوك نمطي ومتكرر خاص باهتماماتهم؛ وصعوبة في الإعتماد على النَفْس للقيام بوظائف يومية؛ وحساسية في إستقبال مُحفِّزات الحواس. أما أبعاد الإدراك بالذات تتصف بالضعف بوجه عام فيواجهون: تحديات أثناء القيام بوظائف تنفيذية مثل التخطيط والتنظيم؛ وعدم المرونة في عملية التحول المعرفي أو القدرة على تغيير الإنتباه من موقف لآخر؛ وعدم القدرة على ربط التفاصيل بالصورة الأشمل؛ وصعوبة في تنظيم المشاعر والشغف والسلوك؛ وصعوبة في إستخدام آلية التأكُد من الوقائع ومراجعة الحقائق.

حساسية المعالجة الحسِّية

معالجة مُدخَلات الحواس قد تكون أعلى أو أقل عن نمطيين التكوين النيورولوجي. هذا لأن إستقبال وإدراك المٌحفِّزات المحيطة بهم يُغْمِرهم لشدة وطأة إشاراته على مُستقبِلاتِهم الحسِّية.

مسقط أفقي لمدرسة تنمية مهارات ذوي احتياجات خاصة في القطامية بالقاهرة. يظهر في المسقط كيفية إعتبار الخصائص الحسية في توزيع الفراغات

الصوت

الحساسية تجاه الأصوات والضوضاء تتسبب في ازعاجهم وتٌأثِّر على قيامهم بوظائِف أخرى. لذلك إمتصاص الصوت وعزل الضوضاء مهم بوجه عام وخاصةً في المساحات المطلوب فيها تركيز ذِهني عالي ومتطلبة إجتماعيا.

اللمس والإحساس بالألم

حاسة اللمس وبالأخص الإحساس بالألم قد تكون مُرهَفَة عند البعض أو متأخرة في الإستقبال عند آخرون. إن إدراك إشارات خطر الإصابة الجسدية قد يتأخر؛ فَيَحوُل دون إتخاذ قرار الحماية منها. كما أن تعبيرهم عن الإحساس بالألم عادة ما يسوء تقديره من قِبَل الآخرون. لذلك يوصْى بتقليل خطر التعرُّض لإصابات من المفروشات وأماكن اللعب ومسارات المشي؛ وتجنب وجود حوائط قاسية أو حواف حادة.

ردة فعل المتوحد تجاه لمسة غير متوَقَعَة قد تكون عنيفة؛ فتُوقِعِه في مواقف تَنَمُّر. لذلك يجب تصميم مواقع الجلوس بحيث تُساعِد على تمهيد مقابلة تلك المواقف. على سبيل المثال، يُمكِن توفير مَعلَم لتحديد المساحة الشخصية وتحديد موقع الجلوس في زاوية تُمَكِّن من رؤية الآخرين عند التحرك تجاهه.

حس التوجه في المكان

أحد المهارات التي تساعدنا في تحديد موقعنا في مكان ما هي مهارات معالجة بصرية-مكانية. تساعدنا هذه المهارات على الوعي بأجسادنا وتحديد موقعها في المكان مع تغير الرؤية. أي نقوم بتنسيب أجسادنا إلى أشياء وأجساد أخرى متواجدة في المحيط عن طريق رؤيتها ومعالجتها بصريًا. بسبب حساسية معالجة المُدخلات البصرية عند المتوحدين، يقومون بالاعتماد أكثر على مهارة حِسِّية عضلية تُسَمَى الحِسْ العميق التي تساعد على تحديد حالة العضلات في الجسم؛ بالإضافة إلى حاسة الجهاز الدهليزي المرتبطة بالقدرة على إدراك وتفسير موقع وحركة الرأس والتوجه في الزمكان. لذلك يجب أن يكون تسلسل المسار منطقي والتغيرات به محدودة في الروتين اليومي، حتى يتمكنون من إيجاد مقصد وصولهم؛ أو أن يمكن رؤية عناصر المكان كله وكيفية الوصول لها من منطقة تحرك مركزية. كما أن إستخدام مواد بناء وألوان تعطي إحساس بوجود نظام في المساحة تساعد على قراءة المكان أفضل. [1]

معايير ومقومات التصميم

تختلف احتياجات الأفراد على طيف التوحد بقدر اختلافاتهم الشخصية والعمرية والجندرية. ولكن النقاط التالية تتناول بوجه عام بيئات التعلم والمنزل وهي معيارية للتوافق مع الإختلافات بتنوعها عبر الطيف؛ لتقييم التصميمات ومعرفة مدى قدرة البيئة على المساندة أو الإعاقة.

هيكل بنائي وبصري
توفير هيكل بنائي واضح بحيث أن يكون كل نشاط معرَّف في مساحته بوضوح. مثل توزيع الأثاث ليدل على أماكن العمل الفردي والعمل الجماعي أو مكان القراءة وهكذا. أو أن حيز النشاط نفسه منظم بحيث يقوم بتعريف كيفية إجراء النشاط.
وجود هيكل بصري واضح الهيكل البصري يحتوي على دلالات وإشارات حِسِّية موجودة في البيئة. ولتحفيز الاستقلالية وتوظيف مقومات المستخدم البصرية، يجب أن تكون تلك الدلالات واضحة المعالم ومتماسكة المعنى. مثال: تلوين وحدات التخزين بناء على محتوى كل منهم.
توفير إرشادات بصرية الإرشادات البصرية هدفها تفصيل تسلسل خطوات لإتباعها للقيام بنشاط ما. ولطبيعة اختلاف المهارات والقدرات، فتٌصمم حسب الحاجة؛ أي قد تكون في هيئة إرشادات مكتوبة أو صور أو رسومات أو على هيئة جدول في الفراغ الذي تقام فيه الأنشطة.
سلاسة إستيعاب التصميم بساطة أشكال وتكوينات الفراغات وتقليل الشتات البصري يُعَزِز من سهولة إستيعاب المكان وبالتالي بذل جهد أقل لفهم واستخدام المبنى.
تحفيز التكامل حسي إمكانية إعدام عوامل التشتيت والإثارة بالكامل في المكان المرغوب فيها تركيز ذهني عالي في نشاط تعليمي. مثل توفير عناصر تصميمية تساعد على فصل ميسر النشاط والمشارك به عن بقية المجموعة في أي لحظة.
توازن الاستقلالية والمساعدة
اعتبار المساحة الشخصية يختلف الناس في مدى تقبلهم للقرب والدخول في حيزات مساحاتهم الشخصية. ويعتبر البعض اختراق هذا الحيز تهديد مباشر عليهم من قِبَل الآخرين. يؤثر على تحديد أبعاد الحيز من شخص لآخر عوامل ثقافية وتربوية وتفضيلات شخصية بالأساس. وبوجه عام يواجه المتوحدون حساسية إضافية تجاه السماح في إختراق حيز مساحاتهم الشخصية. لذلك يجب أن يتجنب التصميم المساحات التي قد تؤدي إلى تزاحم؛ إن التعامل مع المساحات بسخاء قد يساعد المتوحدين في التعامل مع المحفزات الاجتماعية براحة.
توفير مساحة للانسحاب بعض وليس كل الأشخاص المتوحدين مُنعَزِلين إجتماعيًا. لكن الكثير منهم يواجه صعوبة في التعامل مع المواقف المُتَطَلِبة تواصل كثيف. يفضل المتوحدون العمل حول هذه الأنشطة وليس بداخلها. إن توفير منطقة للانسحاب يساعد على تجنب التوتر والقلق -غير المرغوب فيه؛ ويساعد على التحكم الذاتي والبعد عن مصادر التشتت والإثارة الزائدة.
تحفيز الاستقلالية بيئة تدعم المساعدة الذاتية سواء للقيام بوظائف معيشية أو عملية. فعلى سبيل المثال، توفير ركن في المدرسة مجهز لتعلم العناية بالنظافة الشخصية ومجهز بالإرشادات اللازمة.
مساحة إضافية للمساعدة الخاصة أغلب الأطفال يحتاجون مساعدة خاصة في مساحات التعلُّم. لذلك وجود مكان يسمح بتواجد مساعدة إضافية -سواء من ولي أمر أو مدرس ظِل- ولكن منفصل نسبيا، يساعد في التوازن بين استقلاليته والتدخل عند الحاجة فقط.
عوامل إضافية
عوامل أمان زائدة الأطفال على طيف التوحد مُعَرَّضين لمخاطر أكثر من غيرهم بسبب ضعف تواصلهم؛ وحساسية حواسهم؛ وصعوبة قدرتهم على التخيل أحيانا. المتابعة الدائمة صعبة وتتسبب في إقتحام خصوصيتهم. لذلك يجب إعتبار عوامل أمان زائدة مثل: معالجة الأبواب للتحتوي الهروب والإنسحاب المفاجئ؛ ومعالجة الحواف حادة حول مسارات الحركة.
تيسير الحركة والنفاذ بسبب مواجهة بعض الصعوبات في التنسيق الحركي والتوازن، تطبيق معايير التصميم لمراعاة ذوي التحديات الحركية ومعايير التعامل مع القصور في البصر والسمع مفيد أيضا لهم.
توفير فرص للمشاركة المجتمعية موقع المبنى قرب أنشطة مجتمعية قد يُحَفِز التفاعل الإجتماعي يوميا ويزيد من فرص الإختلاط. مثل وجود سوق أو محل يمكن التبضع منه في طريق الذهاب أو العودة.
سهولة صيانة المكان ومتانته العامة

مراجع

مصادر